إن مجال التربية يشكل رهانا كبيراً من أجل
تنمية بلادنا باعتباره يحتل المرتبة الثانية بعد قضية الوحدة الترابية من حيث
الأولويات الوطنية للبلاد، وقد حظيت قضية التربية والتكوين بالإشراف الفعلي لجلالة
الملك والإرادة القوية للحكومة من خلال تفعيل بنود الميثاق الوطني للتربية
والتكوين، وتطبيق دعامات البرنامج الاستعجالي الذي جاء كجواب على الوضعية المتأزمة
التي تعيشها منظومتنا التعليمية، وكرد على تقرير البنك الدولي الذي كان قد صدر
بداية الموسم 2007/2008 الخاص بواقع التعليم ببلدان شمال إفريقيا والشرق الأوسط
حيث جاء المغرب في الرتبة 11 ضمن 14 دولة، وأقر بتخلف المغرب على جميع الأصعدة
الكمية والنوعية وهو تقرير شكل صفعة حقيقية للمسؤولين الذين سارعوا في التقرير
السنوي للمجلس الأعلى للتعليم للإقرار بفشل جل الرهانات التي رفعها الميثاق قبل 9
سنوات وبإخفاق الإصلاح التعليمي، وسطر البنك الدولي توجهات جديدة ينبغي على المغرب
اتباعها من بينها التسريع في وثيرة الخوصصة وتطبيق ما يسمى بترشيد وعقلنة النفقات
والتخلي التدريجي عن دعم القطاع من طرف الدولة، وبالتالي جاء البرنامج الاستعجالي
تنفيذا لتوجهات البنك الدولي وتأكيداً على ضرورة التعجيل بإصلاح حقل التربية
والتعليم. وقد تحقق بفعل بنود البرنامج الاستعجالي مجموعة من المكتسبات نذكر منها
تطوير التعليم الأولي خاصة بالعالم القروي، توسيع العرض التربوي للتعليم الالزامي،
تأهيل المؤسسات التعليمية، ربط المؤسسات التعليمية بشبكات الماء والكهرباء، محاربة
ظاهرة الهدر بشكليه، التكرار والانقطاع، التركيز على التعلمات الأساسية، إنصاف
الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، توفير برامج الدعم الإجمالي وتوفير النقل المدرسي،
بناء الداخليات وقد تضمن هذا البرنامج 23 مشروع تتوزع على
4 مجالات:
المجال 1: التحقيق الفعلي لالزامية التعليم
إلى غاية 15 سنة (10 مشاريع)
المجال 2: حفز المبادرة والامتياز في الثانوية
التأهيلية والجامعة والتكوين المهني (4 مشاريع)
المجال 3: المعالجة الملحة للإشكاليات
الأفقية للمنظومة التربوية (7 مشاريع)
المجال
4: توفير الموارد اللازمة للنجاح.
لكن كانت هناك مجموعة من السلبيات تضمنتها
هذه المشاريع: عدم تطبيق مبدأي الاشراك والتشاور مع الفاعلين التربويين والأطر
التعليمية وجمعية الآباء، 2) التمادي في سياسة الخوصصة، 3) تكريس ضرب المجانية
والتعميم، 4) الحد من التوظيف، 5) الإجهاز على مكاسب الشغيلة التعليمية، 6) تأجيل
إيجاد حل للمسألة اللغوية (الهوة واسعة بين التعليم المدرسي معرب والتعليم الجامعي،
7) ضرب مبدأ تكافؤ الفرص حيث أن البرنامج يتحدث عن ثانويات مرجعية وثانويات للتميز
إلى جانب الثانويات العادية، 8) ضبابية بعض المفاهيم وارتجالية الخيارات البيداغوجية كاقتراح
بيداغوجيا الإدماج في التدريس.
ولم تتوقف الإصلاحات عند المخطط الاستعجالي
بل رفعت وزارة التربية الوطنية شعار" مدرسة جديدة من أجل مواطن الغد "
في إطار التدابير ذات الأولوية التي سطرتها وكذا من خلال الرؤية الاستراتيجية
لإصلاح التربية والتكوين للمجلس الأعلى للتربية والتكوين (2015/2030) بحيث ثم
تسطير مجموعة من الأهداف قصد تفعيلها والتي تمثلت في التحكم في اللغة العربية
والتمكن من اللغات الأساس واللغات الأجنبية ودمج التعليم العام والتكوين المهني وتثمين
التكوين المهني وتحسين العرض المدرسي والتأطير التربوي والحكامة إضافة إلى تخليق
المدرسة وتثمين الرأسمال البشري، وفي نفس الإطار أصدر المجلس الأعلى للتعليم رؤية
استراتيجية لإصلاح التعليم (2015/2030) ترتكز على ثلاثة أسس وتتمثل في: الانصاف
وتكافؤ الفرص، الجودة للجميع، الإرتقاء بالفرد والمجتمع وذلك حتى تتمكن المدرسة من
الانتقال من منطق التلقين والشحن إلى منطق التعلم وتنمية الحس النقدي، وبناء
المشروع الشخصي، واكتساب اللغات والمعارف والكفايات والقيم والتكنولوجيات الرقمية،
كذلك الرفع المستمر من المردودية الداخلية والخارجية للمدرسة، تمكين المدرسة من
القيام بأدوارها في التنشئة الاجتماعية والتربية على القيم وملائمة المناهج
لمتطلبات سوق الشغل .
بالرغم
من كل المجهودات المبذولة لتطوير المدرسة، فإن آثارها النوعية ظلت محدودة على
مستوى المتعلمين والممارسات البيداغوجية وكذلك لازالت تعاني من اختلالات وصعوبات
مزمنة، فالمدرسة اليوم توجد موضع مساءلة من الجميع: لماذا لم تتمكن المدرسة بعد من
تجاوز أزماتها رغم كل هذه الإصلاحات المتوالية، رغم انخراط مجموعة من الفاعلين من
مختلف الأطياف؟ ورغم الجهود والموارد المالية المستنزفة. إذن فمن خلال هذا البحث
سنحاول الإجابة عن بعض الأسئلة من خلال التصميم التالي:
: تقويم تشخيصي I
: الإجابة عن بعض التساؤلات: II
1
– صعوبة المناهج.
2 – ضعف الفعالية البيداغوجية للمدرسين (
منهجية، مقاربات....).
3 – ضعف دينامية الحياة المدرسية.
: المشروع البيداغوجي المقترح للنجاح المدرسي.III
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق